تناولنا في هذا البحث أحكام ضمان هلاك المبيع لسبب أجنبي قبل تسليمه إلى المشتري، إذ بحث الفقه الإسلامي في هذا الموضوع من زاويتين وعلى فرضيتين مختلفتين، الفرضية الأولى إذا هلكت الثمرة لدى البائع، فيكون الهلاك من ضمان المشتري عند الحنفية والشافعية، أما المالكية والحنابلة فقالوا بوضع الجوائح عن المشتري ويكون الهلاك من ضمان البائع. أما الفرضية الثانية إذا كان المبيع من غير الثمار، فيكون الهلاك من ضمان البائع وفق ما هو راجح في الفقه الإسلامي، الا أنه هناك من ذهب إلى تحميل المشتري بشروط وضوابط أو حتى بدونها. المنهج المتبع لكتابة هذا البحث هو منهج تحليلي ومقارن، إذ عقدنا المقارنة بين الفقه الإسلامي بأربعة من مذاهبه ( الحنفية والشافعية والمالكية والحنبلية ) من جهة، وبين ثلاثة قوانين مدنية وهي ( القانون المدني الفرنسي والقانون المدني العراقي والقانون المدني الكويتي )، واكتشفنا ان القوانين المقارنة تنظر إلى الموضوع من زاوية واحدة وبفرضية واحدة، وهي إذا هلك المبيع سواء أكان ثمراً أو من غير الثمر، لكن بأحكام مختلفة، حيث يحمل القانون الفرنسي المشتري تبعة الهلاك، أما القانون العراقي والكويتي فيحملان البائع تبعة الهلاك. توصلنا من خلال هذا البحث إلى أنه هنالك تشابه في تنظيم هذا الموضوع بين أحكام الفقه الإسلامي وأحكام القوانين المقارنة، وهذا التشابه قد يكون مصدره تأثير الفقه الإسلامي في القوانين المقارنة، وقد يكون تشابهاً عرضياً خلفه التشابه في التفكير الإنساني. واقترحنا أن يتم إدخال مفردة الجائحة إلى القوانين المدنية لتحل محل السبب الأجنبي، وكذلك اقنرحنا أن لا يتحمل البائع أو المشتري تبعة الجائحة على الدوام، وإنما تعطى للقاضي سلطة تقديرية يحكم بها على الحالات المختلفة مقدراً نية الطرفين ومدى تضررهما ليراع بذلك العدالة والمصلحة الجماعية.
Related posts